أن تتحول مذيعة إلى نمّامة فضائح، وأستاذة تجريس ومخبر لت وعجن وتلكيك وتزييف وتزوير على فضائية شهيرة، فهذه كارثة، الفضيحة خلطة جاهزة يعشقها الشارع المصرى وينتظرها كما تنتظر القطط فتات السمك، بهاراتها الجنس ووقودها لحم وسمعة الغلابة مع بعض الكاتشاب الدينى الذى يتماشى مع مزاج شعب متدين بالفطرة، حفلة شذوذ جنسى فى حمام شعبى بالصوت والصورة!!، هل يوجد أفضل من هذه البضاعة للبيع فى سوق الإعلام لتتم المشاهدة ونصعد إلى الترتيب الأول ويضعنا «إبسوس» على خارطة الإعلانات؟، كله باسم السخونة الإعلامية وعلى جثة المهنية، لكى يظل البرنامج ساخناً جاذباً ومثار حديث المقاهى. وثرثرة العائلات لا بد من اصطياد شوية غلابة بيستحموا ونسج قصة وهمية عن شذوذ جنسى صار شماعة لكل طاقتنا العدوانية تجاه أى مجتمع كبير أو صغير، تصبح أوروبا بنت ستين فى سبعين وتستحق القتل والحرق لأن بها شذوذاً، الوسط الفنى والمبدعون وقود إبداعهم الداعر هو الشذوذ، فنلوك فى سيرتهم ولنغسل خطايانا بإسقاطها عليهم!!، أما ما يمارس من شذوذ فى بلاد تدعى وكالة التدين واحتكار الإيمان، فلا حديث ولا ذكر من قريب أو بعيد!!، المهم دُمرت حياة هؤلاء الغلابة وفضحوا ونُشرت صورهم واُستبيحت أعراضهم وتم ختمهم بوشم الشذوذ إلى الأبد. صار الجميع يتعامل معهم بل مع أسرهم معاملة الجمل الأجرب أو الطاعون الأسود، أما المذيعة فقد حصدت الشهرة والنجومية، زاد عدد اللايكات على صفحة الفيس بوك تبع سيادتها، أصبحت بوستاتها قيد الشير والانتشار والاكتساح وكأنها حكم بوذا واقتباسات سارتر، هل هناك أكثر من هذا نجاحاً؟، ها أنا قد صعدت السلم على جماجم هؤلاء الفقراء الذين لا سعر ولا ثمن ولا تأثير لهم وتربعت على عرش الفضائيات وتسابقت لبرنامجى وكالات الإعلانات، عايزه إيه أكتر من كده!!، تهمس لنفسها منتشية أمام المرآة: ها أنا قد انتصرت يا غجر، ذهب الغلابة إلى المحكمة التى أصدرت حكم البراءة، كتر خيرها ولكن الذى انفصل عن زوجته لم تعد إليه بعد البراءة، ولا الذى ماتت أمه كمداً وحزناً عليه استيقظت من قبرها، ولا الشارع الذى قذفه بالحجارة عاد إليه الاحترام وسكنه التوقير، فالفضائية المبجلة لم تعتذر ولم تنشر لقاءات مع هؤلاء. إنهم فى نظرها رعاع، حرافيش، من هوام الأرض وحشرات الحارات، خبر البراءة مكتوب فى زاوية منسية بالفونت الميكرسكوبى، لأن الفضيحة بتبيع والبراءة لا تبيع، ألقى الناس خبر البراءة خلف ظهورهم، عادوا إلى حال سبيلهم بعد أن مضغوا سمعة الغلابة كقطعة الحشيش حتى سرت واختفت فى تيار الدم، ثم أعادوا الكَرة ثانية باحثين كالضباع عن فريسة جديدة يلوكون قصتها من جديد ويتسامرون على المقاهى بحكايتها للمرة المليون، وبالطبع يضيفون إليها الحشو والتأليف والتوليف حتى تصبح قصة جديدة حراقة أكثر، مشطشطة أكثر، مثيرة أكثر، لنصبح نحن الأخيار والملائكة والقديسين ويصبح غيرنا من أبطال الفضائح هم الشياطين ولوحة التنشين. حقاً علينا تغيير المثل الشعبى السائد، ليناسب زمننا الحالى فنقول تفضحنى فى فضائية وتصالحنى فى محكمة!!.